كانت الثقافة الماوية بالصين تواجه التمردات الفكرية التي تواجهها بنوع
من عمليات الأقناع القسري عبر التعذيب والحرمان من النوم وغرسالشعور
بالذنب، النازية أهتمت بدراسة هذا الجانب النفسي والعقلي بعد اكتشافها
الأثار الفعالة لهذه الأساليب التي تحطم نفسية الفرد وتؤثر في كيفية
معالجة الفرد للمعلومات.
أجهزة المخابرات الأمريكية اكملت البحث عن هذه التقنيات والأليات التي
تحقق هذه الغاية ولكن بأستراتيجيات اخرى كانت امتداد للبحث في اليات
السيطرة وتغيير أنماط التفكير كانت بدايتها ما بين1947 و1950م بأشراف
الإدارة العلمية قسم بحوث الأنسان داخل وكالة المخابرات الأمريكية وذلك
بسلسلة بحوث وتجارب استهدف فيها مواطنين من امريكا وكندا وبسرية تامة لم
تكشفها الا بعد عقدين بماعرف بـ MKULTRA وهو
مشروع ينطوي على استخدام منهجيات لمعالجة العديد من الحالات الذهنية
الفردية مثل العاقير المخدرة والمسببة للهلوسة والمساعدة بأستخراج بـعـض
المعلومات الهامة من الأسرى الروس ابان الحرب الباردة واطلق على هذا النوع
من الأدوية MKSEARCHتستهدف العقل والتفكير الفردي .
اما فيما يختص ادوات التحكم في انماط التفكير ومخرجات العقل الجمعي فهي
مختلفة وتعتمد بشكل اساسي وكبير على الأعلام بكل فروعه أخبار التلفزيون
وأخبار الصحف والاذاعات والمجلات والدعايات التجارية والأفلام والأنترنت
ولا اظنه يخفى على مثلكم مدى تأثير هذه الوسائل بتغيير انماط التفكير
الجمعي والتي لسنا في صدد مناقشة سلبياتها وايجابياتها بقدر حقيقة تأثيرها
لذلك نرى أهتمام الحكومات وسيطرة الحكومات على وسائل الأعلام وذلك
لآهميتها ونجاحها بالوصول الى اكبر شريحة من الجماهير والتأثير عليهم عن
طريق الخبر وعن طريق الصورة وتأثيرها على تحفيز العاطفة وتضليل العقل
ويستخدم في ذلك سياسات عدة يعتمد بعضها على تأثير الصورة وبعضها على تسلسل
الخبرواسلوب صياغته والتي اثبت العلم النفسي تأثيرها والذي تجهله العامة ،
فمثلاً عرض صور القتلى والضحايا تتسبب في تبلد عقدة الذنب عند المتلقي ،
واليوم تؤثرالصحف بتحديد نوعية المواضيع المناقشة بالمجالس والمنتديات
وهذا دلليل على تأثيرها بتحديد ما نناقش ومالا يناقش .
يرى الباحث الأمريكي والتر ليبمان احد مؤسسي مجلس العلاقات الخارجية ان
الأجهزة الأعلامية اشبه بالوحش والمتلقي هو القطيع الحائر، ويعتبر الكاتب
ان الأعلام هو اداة تستخدمها النخبة لتحقيق ما يسمى " بصناعة الموافقة "
وهي عملية تضليل للقطيع الحائر والتلاعب في رؤيته ورأيه لتحقيق اجندة معينة
تستفيد منها النخبة ولا تحقق بالضرورة الفائدة للرأي العام .
وبما أن الأعلام كما ذكرنا مملوك لدى النخبة وذوي النفوذ سيبقى الممول هو
المسئول عن رسم اهداف واستراتيجيات وسياسات الأعلام القائم بماله وهذا لا
أظنه يخفى عليكم ، والأحداث التي عاصرنا ها مؤخراً تكشف ذلك فالأعلام يعرض
فقط ما يخدم مصلحته كالجزيرة التي لا ينكر العاقل حرفيتها بعرض الخبر
ولكنه لا يجهل اجندتها وسياستها التي تبحث عن حقيقة تخدم مصلحة مموليها قبل
بحثها عن مصلحة الأخرين كـ الشعب المصري .
ما
يرعب في هذا الخصوص هو مدى تمكن الوسائل الأعلامية من عقول الكثير في
العالم العربي ، والتي تستقي معلوماتها مباشرة من وسائل اعلامية مسيسة لها
اجندتها دون امعان او تفكير او اجابة عن تناقضات الخبر ، وهذا يدل على
تمكن هذه الوسائل من التهام عقولنا كوجبات يمضغها السياسي ليتقوى فيها على
ظلمه ومواجهة اصحاب الحق ، بل تتجاوز الى امكانية تجنيد البعض عبر غرس
الكثير من الأفكار في اللاوعي وهذا ما لا يستطيع البشر التحكم به فلو لا
حظنا ان اغلب الأطروحات التي نتاولها تبنى بمعلومات بثتها وسائـل اعلامية
الكل يدرك مصالح اهلها ، واصبح البعض يؤمن ان ما تقوله هذه القناة حقيقة
غير قابلة للآنكار ومع تكرار الكذبة ومرورها خفية داخل الوعي الجمعي من
الصعوبة نزعها او تغييرها ، واصبحت العقول غير معنية بالبحث والأستنتاج
والتقصي بل تكتفي بعملية أشبه بـ (copy + paest)
لتردد ما يقال بتلك القنوات تحت تأثير الحرفية عرض الخبر كأرفاق صورة
تؤكد حدوث ذلك وتعميم الصورة وتضخيمها او تهميشها كما رأينا في احداث مصر
بين الجزيرة والعربية والقنوات الحكومية ولعل هذا ما ادركه محمد أقبال حين
قال .. الأعلام الحمض الذي يذيب الشخصية .