البروتوكول الثَالِث وَالعِشرون
التقليل من الأدوات الكمالية – الصناعيون المتوسطون – التعطل عن العمل – منع الخمرة – محو المجتمعات السابقة وبعثها في شكل جديد – المختار من الله
إن الشعب، حتى يعتاد الطاعة، من الضروري أن تتشرب أذهانه دروس الاتّضاع والقناعة. وطريقة ذلك، الإقلال من إنتاج الكماليات وأدوات الزينة الفارغة، والترف. فتترقى الأخلاق العامة التي ما جاءها الفساد إلا من شدة انغماسها في مباءة الترف المهلك. وسَنُعنى بإعادة إنشاء صناعات إنتاج متوسطة، وهذا معناه وضع الألغام في طريق رؤوس الأموال الصناعية الخاصة. ومن فضائل هذا أيضاً، أن الصناعيين الكبار على النطاق الواسع، غالباً هم المحركون، ولو عن غير علم منهم دائماً، لأفكار الجماهير في اتجاه معاكس لا يعرف شيئاً من التعطل عن العمل (البطالة)، وهذا ما يدعو لشدّه إلى النظام القائم شدّاً وثيقاً، وبالتالي يقوده إلى احترام هيبة السلطة. ثم إن التعطل عن العمل يعتبر أشد ما يفتك بالحكومة من آفات، أما نحن، فسنداويه يوم ينتقل الزمام إلى أيدينا. والخمرة ستمنع بالقانون، وشاربها معرض للعقاب لارتكابه جرماً ضد إنسانية الإنسان، ولصيرورته بالشراب في صف العجماوات.
والرعايا، وأكرر هذا القول، إنما تنقاد لليد القوية التي تَحْكُم، وهي بمعزل عن الرعايا جميعاً، ومن هذه اليد تستشعر الشعوب رهبة السيف الذي ينتضى لمكافحة الأوبئة الاجتماعية واستئصالها، وما عساهم يريدون في ظلّ ملكٍ ملائكي الروح، يرون فيه هذه القدرة والقوة مجسَّدتينّ!
واجب السيد الأعلى الذي يحل محل جميع الحكام الحاليين، المتسكعين في طريقهم على حاشية الحياة، في مجتمعات نَخِرة، أوردناها موارد التدلي والفساد، مجتمعات جحدت كل شيء حتى سلطة الله، ومن وسطها تنجم قرون الشر بنار الفوضى من كل جهة – واجب السيد الأعلى قبل كل شيء أن يخمد تلك النار الفاغرة فاها، إخماداً تاماً. وهو في هذا الصدد يكون مضطراً إلى أن يمحو جميع تلك المجتمعات ولو صبغها بدمه، حتى يبعثها بعثاً جديداً على صورة جنود منتظمة الصفوف، تقاتل بوعي كل الآفات التي تعتري حسم الدولة وتزرع فيه البثور.
وهذا الحاكم المختار من الله، إنما اختاره الله ليقضي على قوى الشر، القوى التي تنبعث من الغريزة لا من العقل، ومن الوحشية لا من الإنسانية. وهذه القوى هي الآن في نشوة انتصارها، متمثلة باللصوصيات وكل ضرب من الاغتصاب، تحت قناع مبادئ الحرية والحقوق. وقد عبثت بالنظام الاجتماعي ونقضته من كل جهة لتقيم على أنقاضه عرش ملك اليهود، ولكن دور محاسبة هذه القوى الشريرة يكون في يوم ظهور مملكتنا، فتُجرَف من طريق ملكنا جرفاً حتى لا يبقى منها أثر، عالقة به بقايا عثرات، أو كسرات محطومة.
حينئذ نستطيع أن نقول لأمم العالم: اشكروا الله واسجدوا للذي في جبينه خاتم مصير الإنسان، الإنسان الذي قاد الله نجمته إليه، مظهراً بذلك أنه هو وحده القادر على تحريرنا من جميع القوى والشرور التي ذكرنا.