البروتوكول التَاسِع عشر
حق الشعب في رفع العرائض والمقترحات – الشغب السياسي – التجريم في المسائل السياسية – الإعلان عن الجرائم السياسية
إنَّا وإن كنا لا نسمح بأيّ عبثٍ بالأمور السياسية يقوم به من يركب رأسه، غير أننا من الجهة الأخرى نشجع كل صنفٍ من المذكرات والرقاع والمقترحات ترفع إلى الحكومة، فتدرسها جمعاء وما تتضمنه من مختلف المشروعات الرامية إلى تحسين حالة الشعب. وبهذا لنا فائدة: فينكشف لنا ما يدور في ذهن الشعب من أفكار، ويظهر لنا ما عنده من نقائص ونزوات. وعلى كلٍّ، فإننا نتجاوب مع المطالب المقترحة، إمّا بتنفيذ ما هو صالح وفي محله، وإما بردّ المسألة، ردّاً بارعاً، يبدو معه خطل صاحب الاقتراح وقصر نظره في وزن الأمور.
أمّا تعاطي الشغب، فما هو إلا كنباح الكلب الصغير في وجه الفيل. فالحكومة الوطيدة النظام، لا يكون هذا النباح عليها، مع سهر الشرطة، وهو آتٍ من جهة الرأي العام، إلا دليلاً على أن النابح أعجز من أن يدري نصيبه من المُكنة والقوة، أو ما هو الفيل المنبوح عليه. وبإشارتنا إلى مَثَل واحد من الأمثلة الصحيحة، يظهر لكم وزن كل فريق منهما، فتدركوا كيف تكفُّ الكلاب عن نباحها لتنقلب إلى التبصبص بأذيالها، حول الفيل ساعة تقع عليها عينه.
ولكي تتم لنا ملاشاة الشهوة إلى البطولة من وراء الجناية السياسية، سنحيل الشخص إلى المحاكمة، مُتّهماً على مستوى اللصوص والمجرمين والقتلة ومرتكبي أقذر الجنايات وأبشعها، فيبهم الأمر على الرأي العام، وتلتبس عليه حقيقة الرجل الذي كان بالأمس مسموعاً عنه طِيبُ الأحدوثة وحُسن السيرة. فإذا به اليوم يرونه متهماً فيزدردونه ويتخلون عنه.
وإننا إلى الآن قد بذلنا غاية جهدنا، واعتقدنا أننا أفلحنا، حتى رأينا الغوييم لا مكنة لهم لتعاطي الشغب. وإنما من أجل هذه الغاية، رحنا نشيد بمزية الاستشهاد، في الصحف، ومن على المنابر العامة، بأساليب ضمنية، لا مباشرةً ولا مكشوفة، ولا سيما في الكتب المدرسية، ككتب التاريخ الموضوعة وضعاً دقيقاً، وكل ذلك مما يرفع في الظاهر من شأن الاستشهاد المزعوم أنه في سبيل مصلحة الشعب. فنتج عن عملنا هذا بهذه الوسائل، أن ازداد عدد أحرار الغوييم فانضووا إلينا، وهم آلاف، وانضموا إلى صفوف الحيوانات من ماشيتنا.